التيار الكهربائي courant électrique
1) القوة الدافعة (أو القوة الكَهْرَمُحرِّكة force électromotrice) الكهربائية للعمود.
1-أ) تفسير ما يحدث في العمود البسيط:
استكمالا لما مرَّ بنا من سلسلات أنت والعلم، (راجع سلسلة أنت والعلم3)؛ وصل بنا المطاف إلى ما يُعرف بالقوة الدافعة الكهربية للعمود، وحتى نوضح هذا الأمر جيدا، يُمثل الشكل (1) لَوحين أحدهما (الأيسر) من الزنك (الخارصين zinc)، والآخر (الأيمن) من النحاس cuivre، موضوعين في محلول حامضي مخفف؛ وقد أظهرنا حالة الجهد الكهربي tension électrique لكل منهما بالنسبة للسائل الذي بينهما بعلامتى (+) و(-)؛ ففي الزنك يُرى أن جهد السائل، أما في النحاس فعلى العكس.
فإذا غُمس اللوحان معا في الحامض (هيدروكلوريك Hcl chlorhydrique : جزيئات من كلوريد الهيدروجين مع أيونات من الهيدروجين موجبة التكهرب وأيونات من الكلور سالبة التكهرب ) دون أن يتصلا ببعضهما اتصالا معدنيا، فإن جهد لوح النحاس يكون أعلى من جهد السائل، كما يكون جهد الزنك منخفضا عن جهد السائل؛ ومن هذا يُرى أن مجرد وجود لوحى النحاس والزنك في الحامض، يسبب فرقا بين جهدى اللوحين؛ وهذا الفرق هو الذي نسميه القوة الدافعة الكهربائية للعمود.
فإذا ما اتصل اللوحان بسلك من الخارج، انتقلت الكهربية الموجبة من لوح النحاس ذي الجهد الأعلى، إلى لوح الزنك ذي الجهد المنخفض، وبذلك تقل الشحنة الموجبة على لوح النحاس فتَرُد إليه أيونات هيدروجينية موجبة جديدة؛ كما تقل الشحنة السالبة على لوح الزنك، فتنفصل منه أيونات الزنك موجبة أخرى، ويستمر هذا الفعل إلى أن تنفذ الأيونات الموجبة في أي جزء من الدائرة فيقف التيار.
وعلى هذا التفسير يُرى أن اتجاه التيار في السلك الخارجي، يكون من لوح النحاس إلى لوح الزنك؛ ولإتمام الدورة يكون اتجاهه في باطن العمود من لوح الزنك إلى لوح النحاس؛ ولهذا السبب سُمي الطرف العلوي من لوح النحاس (القطب الموجب) للعمود، والطرف العلوي من لوح الزنك (القطب السالب).
وبهذا التفسير يُعلل تجمع الهيدروجين على لوح النحاس دون الزنك، فإن أيونات الهيدروجين الموجبة، تفقد كهربتها عند ملامستها لوح النحاس، فتصير ذرات متعادلة فتتجمع كل ذرتين معا مكونتين لجزئ من الهيدروجين، وتصعد هذه الجزيئات خلال السائل، ويُخيل أنها صادرة عن لوح النحاس.
1-ب) مفهوم القوة الدافعة الكهربية للعمود:
علما عند تفسيرنا لما يحدث في العمود البسيط، أن الفعل الكيميائي الذي نشأ في باطن العمود، (عند عدم اتصال أحد قطبية بالآخر)؛ يحدث على قطبية كهربية موجبة وسالبة أي يحدث فرقا بين جُهديهما، إذ يسبب ازدياد جهد أحد اللوحين تدريجيا ونقص جهد الثاني؛ ويستمر النقص والزيادة إلى أن يبلغ الفرق بين جهدي القطبين حدا معينا، فيقف عنده التفاعل الكيميائي، إذ ذاك يُسمى فرق الجُهدين باسم (القوة الدافعة الكهربية للعمود).
ولنتأكد أن للعمود قوة دفع، ننجز تركيبة بسيطة المبينة بالشكل(2):
نربط إحدى مربطي عمود دانيال، بجهاز كاشف التذبذب oscilloscope وجهاز الأمبير متر؛ بحيث نصل بواسطة سلك صفيحة النحاس مع مدخل كاشف التذبذب (Y🇦)، ونربط بينهما جهاز الأمبير متر، ومن تم نصل بسلك ثاني، هيكل كاشف التذبذب مع صفيحة الزنك؛ فنلاحظ ما يلي:
- إبرة أمبير متر لا تنحرف: لا يوجد تيارا كهربائيا (I=0).
- بقعة ضوئية تتحرك على الشاشة كاشف التذبذب (يوجد إذن فرق في الجهد بين مربطي العمود: U≠0).
عندنا إذن: U≠0 لما تكون: I=0 مما يعني أن عمود دانيال له: قوة الدافعة الكهربائية؛ ويمكن تشبيه حالة هذه القوة بحالة الهيدروستاتيك hydrostatique للسوائل، شكل (3).
فإذا كان لدينا وعاءان (CوD)، قد اتصلا عند النقطة (E) بعجلة مائية يحركها الثقل (G)، واتصلا عند النقطة (F) بصنبور robinet الشكل (3)، وكان سطح الماء في (D)، أعلى من سطحه في (C) في أول الأمر، فإن الفرق بين الارتفاعين في هذه الحالة يُشابه الفرق بين جهدي قطبي pôles العمود (أي القوة الدافعة له) عند فتح الدائرة الكهربية، (أي قبل اتصال أحد قطبيه بالآخر).
أما إذا أغلقت الدائرة بأن وصلت القطبين بطرفي سلك من النحاس، حدث في الحال تفريغ خلال السلك فيهبط فرق الجهدين بينهما أي تنقص القوة الدافعة الكهربائية؛ فإذا كان الفعل الكيميائي في العمود يستطيع أن يُعيد إلى اللوحين جُهديهما الأولين، (أو يُعيد الفرق بين الجهدين إلى ماكن عليه) بنفس السرعة التي يحدث بها التفريغ، خلال السلك أو بما يقرب جدا من هذه السرعة، فإن فرق الجهدين عند فتح الدائرة لا يختلف كثيرا عنه عند إغلاقها فيمر التيار (في السلك الموصل بين القطبين)، بفرق جهد قريب جدا من القوة الدافعة الكهربية للعمود.
وتُمثل هذه الحالة بالوعاءين (CوD) عند فتح الصنبور (F)، فإن الفرق بين ارتفاع الماء في (D) وارتفاعه في (C)، يتناقص ويسري الماء من (D) إلى (C)؛ ولكن العجلة في الوقت نفسه تبدأ عملها، فتنقل الماء من (C) إلى (D)، فإذا كانت سرعة انتقال الماء من (D) إلى (C) أقل من سرعة انتقاله من (C) إلى (D)، فإن الماء في (D ) يظل أعلى منه في (C) ويكون فرق الإرتفاعين عند فتح الصنبور قريبا منه في وقت إغلاقه، وفي حالة فتح الصنبور، يمكن أن تُقدر القوة التي تدفع الماء من (C) إلى (D) بواسطة العجلة، بمقدار الماء الذي يمر في الوصلة (AB).
وكذلك عند إغلاق الدائرة في العمود البسيط، فأنه يمكن دون خطأ كبير أن تُقدر القوة الدافعة الكهربية، بمقدار الكهرباء التي تَسري في السلك الموصل؛ والظاهر أن مقر هذه القوة هي سطحا تلامس لوح العمود مع السائل، حيث يحدث الفعل الكيميائي؛ كما أن القوة الدافعة للماء في الشكل (3)، والتي تُنشئ فرقا في الارتفاعين يكون مقرها في العجلة.
وخلاصة القول هي: عندما مثلا يهبط الثقل (G)إلى أسفل ويَقِلُّ فعل الجاذبية عليه وينتهي بذلك عمل العجلة وينتهي معها تعويض فرق الارتفاع في النقطتين C و D؛ وبالتالي تتساوى النقطة C مع النقطة D، وتتوقف التجربة عن العمل (طبعا يحدث هذا عندما يكون الصنبور مفتوحا عند النقطة F)، تماما كما يحدث في أي بطارية pile أو عمود كهربائي، عندما مثلا يكون عليهما حمل ما، فينتهي مفعول عمل تفاعل الأكسدة والاختزال oxydation et réduction ، فيتوقف فرق الجهد (دائما راجع سلسلة أنت والعلم 3).
تأليف: محمد بلحاج - تقني
المراجع:
- كتب الكيمياء ..علوم التجربية والعلمية ..1و2 …1994م
- الطبيعة لمرحلة الثقافية المغنطيسية والكهربية 1949م… محمد محمد فياض … محمد عاطف البرقوقي رحمهم الله
تمت بحمد الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق