القياسات الكهربائية mesures électriques
المقدمة:
نعلم أنه عند توصيل قطبي عمود كهربي مثل عمود (accumulateur) دانيال ( danielle)، يبدأ التفاعل في العمود ويَسري في الدائرة كلها - أي في سلك التوصيل والأقطاب والسائل (liquide) - ما يسمى بالتيار الكهربي (courant électrique)؛ وقد تحقق هذا المُؤثر الغامض بجملة تأثيرات يُحدثها أثناء مروره، فقد وِجد:
- أنه إذا وُضِعت بوصلة (boussole) صغيرة أو إبرة (aiguille) مغنطيسية (magnétique) في وضع مناسب للسلك الذي يحمل التيار، أن الإبرة تنحرف في اتجاه خاص، وأنه إذا مر تيار في ملف معزول حول ساق من حديد مُطاوع (forgé) أو مسمار عادي، أنه يتحول إلى مغناطيس (aimant) .
3. أنه عند مرور التيار في سلك التوصيل يسخن السلك، ويُشار إلى هذه الخاصة للتيار، بالتأثير الحراري (thermique).
وسوف (إن شاء الله تعالى) سندرس الطواهر الثلاثة التي تتبع مرور التيار الكهربي؛ بالتفصيل في السلاسل مقبلة، وسنبدأ الآن بدارسة التأثيرات المغناطيسية.
1) المجال المغناطيسي (champ magnétique) للتيار الكهربائي:
كما رأينا في (سلسلة: كيف نتعلم3 ؟ ) أن السيد (أورستد) هو الذي اكتشف العلاقة بين التيار الكهربي والمغنطيسية بشكل علمي وتجريبي (راجع السلسلة 3 لكي يمكنك التتبع معنا .. وشكرا ).
يُستدل من تجربة (أورستيد)، على أن التيار الكهربي المار بسلك مستقيم يكون له مجال مغنطيسي، يؤثر في الإبرة الممغنطة فيجعلها تنحرف عن اتجاه خط الزوال؛ ولكن يختلف اتجاه انحرافها باختلاف اتجاه التيار بالنسبة إليها؛ وقد وضعت عدة قواعد لتعيين الارتباط بين اتجاه التيار في السلك، واتجهات خطوط قوى المجال الناشئ عنه، والاتجاه الذي تنحرف فيه الإبرة الممغنطة الموجودة في المجال المغنطيسي؛ وأهم تلك القواعد ما يأتي:
- قاعدة أمبير ( رَجُل أمبيرampère) (لتعيين اتجاه الذي تنحرف فيه الإبرة المغنطيسية): وضع أمبير العالم الطبيعي الفرنسي (1775-1836) قاعدة سهلة لتعيين الارتباط بين اتجاه تيار كهربي، واتجاه انحراف إبرة مُمغنطة موضوعة في مجال التيار؛ وهذا هو منطوق تلك القاعدة.
⸨ إذا تصورت شخصا سابحا في اتجاه التيار، وناظرا إلى الإبرة (aiguille) الشكل1، فإن القطب الباحث عن الشمال منها ينحرف إلى يسار ذلك الشخص ⸩.
ويمكن استخدام جهاز أورستد لإثبات صحة هذه القاعدة، في حالتي وجود السلك فوق الإبرة وتحتها؛ وفي الحالة الأخيرة، يُلاحظ أن السابح يجب أن يسبح على ظهره لكي يواجه الإبرة، وكذلك يمكن جعل السلك الحامل للتيار، في أوضاع مختلفة بالنسبة للإبرة فيُرى أن انحراف الإبرة في كل حالة خاضع لتلك القاعدة.
2. قاعدة أمبير (اليد اليمنى la main droite )، لتعيين اتجاهات خطوط القوى؛ ⸨ إذا قبضت بيدك اليمنى على سلك يمر به تيار كهربائي مستمر (الشكل2)، بحيث يشير الإبهام إلى اتجاه التيار، فإن اتجاه الأصابع يدل على اتجاه خطوط قوى المجال المغنطيسي الذي يحدثه التيار ⸩.
ومعنى ذلك، أنه إذا مر تيار كهربي في السلك في الاتجاه الذي يشير إليه الإبهام، ووضعت برادة الحديد على لوح أفقي يخترقه سلك؛ فإن برادة الحديد تترتب حول السلك بحيث تكون أقطابها الباحثة عن الشمال متجهة في اتجاه أطراف الأصابع (أنظر الصورة السُفلى جهة اليمين شكل 2).
2) الجلفانومترات (galvanomètre):
عندما نضع إبرة مُمغنطة بحيث يمكن أن تدور في مستوى أفقي، ونثني سلكا غليظا من النحاس على شكل إطار مستطيل (الشكل 4).
ونصل طرفي الإطار (cadre) إلى قطبي عمود كهربائي، ونجعل الإطار بحيث يكون أحد ضلعيه الأفُقيين فوق، والثاني تحتها، ويكونان موازيين للإبرة عنداستقرارها، ثم نمرر التيار في السلك المحيط يالإبرة؛ وبتطبيقنا لإحدى قواعد أمبير أو ماكسويل، على أجزاء الإطار الأربعة، نجد أن كلا منها يعمل على أن تنحرف الإبرة بتأثيره في نفس الاتجاه التي تنحرف فيه بتأثير الأجزاء الأخرى؛ نلاحظ أيضا أن انحراف الإبرة يزيد على المقدار الذي يتسبب من سلك واحد تحتها أو فوقها.
قد لا تتأثر الإبرة الممغنطة بالتيار الكهربي إذا كان ضعيفا ومارا في سلك واحد؛ ولكن إذا مر هذا التيار الضعيف في إطار من سلك حول الإبرة، فإن التيار في أجزاء السلك المختلفة يزيد في انحراف الإبرة، فيظهر هذا الانحراف واضحا، وذلك لإنه إذا كان السلك (س ص ع ف) حول الإبرة واتجاه التيار كما ترى بالشكل 4.
فإنه بتطبيق إحدى القواعد المعروفة مثلا لنقل رَجل الأمبير، نستنتج أن التيار المار في السلك العلوي (س ص)، واتجاهه من الجنوب إلى الشمال يَحرف القطب الشمالي نحو الغرب، أن السلك السفلي يكون فيه التيار بعكس التيار السلك العلوي، ويَحرف القطب الشمالي للغرب أيضا؛ فتأثير التيار المار في السلك العلوي في اتجاه ما، يَحرف القطب القطب الشمالي للإبرة في نفس الاتجاه الذي ينتجه التيار الكهربي المار في السلك السفلي، في اتجاه مضاد لاتجاه التيار في السلك العلوي، ويمكن استنتاج ذلك بتطبيق إحدى القواعد المعروفة ومن ناحية علمية أيضا.
وكذلك يمكن استنتاج أن تأثير التيار المار في السلك (ص ع) من الأعلى إلى الأسفل، يحرف القطب الشمالي للإبرة نحو الغرب، وكذلك تأثير التيار المار في الجزء (ف س) من الأسفل إلى الأعلى؛ فجميع أجزاء السلك عندما يمر فيها التيار الكهربي يكون تأثير التيار في كل منها بحيث يحرف القطب الشمالي في اتحاه واحد.
ومن السهل أن تزداد شدة تأثير التيار في الإبرة، إذا لف سلك الحامل للتيار حول الإبرة مرارا في اتجاه أضلاع الإطار، فإن تأثير اللفات مُجمعة يكون أكبر من تأثير أي واحدة منها، كما يكون اتجاه هذا التأثير، هو نفس اتجاه تأثير اللفة الواحدة؛ ويسمى مثل هذا الإطار ذو اللفات العديدة، مُضاعِفاً أو مقياس (جَلْفاني) وأبسط أنواع المضاعفات هو (جلفانوسكوب galvanoscope) الشكل (5).
وهو جهاز يُمكن صنعه في المعمل بسهولة؛ إذ يتركب كما في (الشكل 5) من إطار (أ) من خشب قد لُف حوله سلك من نحاس (ل) مغطى بحرير؛ بعدة لفات في اتجاه واحد ثم رُبط طرفَا السلك إلى مسمار اتصال (س ص) مثبيتين في قاعدة من خشب يُثبت الإطار عليها أيضا.
وفي قاعدة الإطار ثُبت قرص من الورق المقوى دائري الشكل، مقسمة حافته بالدرجات، بحيث يكون صفر التدريج في وسط لفات السلك، وقد ثبتت في مركز القرص سِنٌّ مُدببة رأسية تدور عليها إبرة مغنطيسية (ط)؛ ويُمكن استخدام هذا الجهاز في إدراك وجود التيار، وتعيين اتجاهه وشدته ⟪ بوجه التقريب ⟫.
2-أ) تدريب:
- صل قطبي polaire عمود كهربي بالمسمارين (س ، ص) من الجلفانوسكوب، وضع الجهاز بحيث ينطبق طرف الإبرة الشمالي، إلى رقم صفر الدريج عند سكون الإبرة في خط الزوال المغنطيسي، ثم امرر التيار في الجلفانوسكوب نشاهد أن الإبرة تنحرف عن اتجاهها الأصلي.. عين مقدار الانحراف بوساطة التدريج، ثم أوقف التيار تعود الإبرة إلى موضعها العادي؛ فانحراف الإبرة يدل على مرور التيار، وعدم تأثرها أو رجوعها إلى موضعها العادي يدل على انقطاع التيار.
- طبق قاعدة أمبير مثلا، يمكنك أن تعين اتجاه التيار في الجهاز ولو كان العمود بعيدا عنك لا تراه.
- صل ثلاثة أعمدة أو أربعة من أعمدة دانيال، بعضها إلى بعض على التوالي مكونا بذلك بطارية ، ثم صل قطبي هذه البطارية الحادثة إلى مسماري الجلفانوسكوب وابعث التيار، نلاحظ أن انحراف الإبرة يزيد على انحرافها بعمود واحد؛ انزع أحد الأعمدة وأعد العمل بالبطارية الباقية (يعني بطاريتين)، نلاحظ أن انحراف الإبرة يقل عنه بالبطارية الكاملة.
نستنتج: أن مقدار الانحراف (déviation) إذن يتغير تبعا لشدة التيار المار حول الإبرة.
== تم بحمد الله ==
(ويليه الجزء الخامس إن شاء الله من سلسلة كيف نتعلَّم
تأليف: محمد بلحاج - تقني
المراجع:
- Mémoires Sur l'électromagnétisme Et l'électrodynamique Par André-Marie Ampère 1921 Paris.
-الطَّيبعة لمرحلة الثقافية .. المغنطيسية والكهربائية .. محمد محمد فياض - محمد عاطف البرقوقي ..القاهرة 1949م.
- Fisica Razonada -Mir Pena Granada 1934
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق